يُعَدُّ شهر رجب أحد الأشهر الحُرُم التي عظَّمها الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز، حيث قال تعالى: “إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ” (التوبة: 36).
ويتميز شهر رجب بأنه يقع بين جمادى الآخرة وشعبان، وهو من الأشهر التي يُحَث فيها المسلمون على الابتعاد عن المعاصي والإكثار من الطاعات.
مكانة شهر رجب في الإسلام
شهر رجب له خصوصية عند المسلمين، فهو موسم من مواسم الخير والبركة، وقد وقعت فيه رحلة الإسراء والمعراج، حيث فرض الله الصلاة على الأمة الإسلامية، وهي إحدى أعظم العبادات.
ومع ذلك، يجب أن نُميز بين الأحاديث الصحيحة التي تدعو إلى تعظيم هذا الشهر وبين الأحاديث الضعيفة أو الموضوعة التي انتشرت على ألسنة الناس دون تثبُّت.
الأحاديث الواردة في فضل شهر رجب
قسّم العلماء الأحاديث التي وردت في فضل شهر رجب إلى ثلاثة أنواع:
1. أحاديث صحيحة: وهي الأحاديث التي تثبت أن رجب من الأشهر الحرم، مثل قول النبي صلى الله عليه وسلم: “السَّنَةُ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا، مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ: ثَلَاثَةٌ مُتَوَالِيَاتٌ: ذُو الْقَعْدَةِ، وَذُو الْحِجَّةِ، وَالْمُحَرَّمُ، وَرَجَبُ مُضَرَ”.
2. أحاديث ضعيفة: مثل حديث: “اللهم بارك لنا في رجب وشعبان وبلغنا رمضان”، الذي رواه الطبراني. هذا الحديث ضعيف ولكنه يدخل في باب التسامح في العمل بالضعيف للفضائل.
3. أحاديث موضوعة: مثل حديث: “في الجنة نهر يقال له رجب، من صام منه يومًا سقاه الله من ذلك النهر”، الذي حكم عليه العلماء بأنه موضوع.
البدع المنتشرة في شهر رجب
من البدع التي شاع العمل بها في هذا الشهر:
صلاة الرغائب: وهي صلاة مخصوصة تُؤدى في أول ليلة جمعة من رجب، ولم يرد بها نص صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم.
تخصيص صيام أول أيام رجب أو أيام معينة منه: لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه خصَّ أيامًا معينة في هذا الشهر بالصيام، وما ورد في ذلك ضعيف أو موضوع.
الإكثار من العمل الصالح في شهر رجب
على الرغم من ضعف الأحاديث الواردة في فضل شهر رجب، فإن الإكثار من الطاعات والعمل الصالح فيه أمرٌ مستحب، لأنه من الأشهر الحرم التي يُعظَّم فيها الأجر ويُضاعف العقاب.. ومن الأعمال المستحبة:
1. الصيام: لا بأس بالصيام فيه، لعموم استحباب صيام النوافل.
2. الصدقة: الإكثار من التصدق، خاصة في أوقات الحاجة.
3. التوبة والاستغفار: لأن الظلم في الأشهر الحرم أعظم إثمًا.
4. صلة الأرحام: فهي من أعظم القربات التي تقرب العبد إلى ربه.
ختامًا؛ شهر رجب هو شهر عظيم من الأشهر الحرم التي خصها الله بمزيد من التشريف والتعظيم، ولكن يجب أن يتحرى المسلم صحة الأحاديث المنسوبة إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ويعمل بما ثبت منها، ويتجنب الابتداع في الدين.. العمل الصالح في رجب، كغيره من الأشهر، يُقرِّب العبد إلى ربه ويُعينه على الاستعداد لشهر رمضان المبارك.
اقرأ أيضاً في إشعار:
• قمة الدول الثماني النامية للتعاون الاقتصادي: الرئيس السيسي يعزز التعاون الدولي (تقرير شامل)
• حقيقة انتشار متحور كورونا جديد .. الوقاية وطرق العلاج
• قصة أصحاب الكهف – عبرة من الماضي وأمل في المستقبل
• أزمة المياه في غزة .. استخدام إسرائيل للمياه كسلاح في غزة يفاقم أزمة إنسانية خانقة