أطلقت إيران صواريخ باتجاه إسرائيل، حيث أعلن الحرس الثوري الإيراني أن هذا الهجوم جاء رداً على اغتيال إسماعيل هنية، القيادي السابق في حركة حماس، وحسن نصرالله ، الأمين العام لحزب الله اللبناني. في المقابل، أصدر الرئيس الأمريكي جو بايدن تعليماته للجيش الأمريكي بالمشاركة في التصدي للصواريخ.
وكان الجيش الإسرائيلي قد حذر في وقت سابق من يوم الثلاثاء المواطنين من احتمال وقوع هجوم إيراني “واسع النطاق”، في حين أشار مراقبون إلى أن إسرائيل تستعد لمواجهة محتملة على أراضيها. وأعلن الجيش الإسرائيلي أن “صواريخ أُطلقت من إيران باتجاه إسرائيل”، مشيراً إلى انطلاق صافرات الإنذار في جميع أنحاء البلاد، بما في ذلك القدس.
من جهته، أكد الحرس الثوري الإيراني أنه أطلق العشرات من الصواريخ باتجاه إسرائيل، مهدداً بشن هجمات جديدة في حال تم الرد.
بعد انتهاء الهجوم، أعلن الجيش الإسرائيلي أن التهديد الصاروخي الإيراني قد انتهى، وسمح للسكان بمغادرة الملاجئ. وجاء في بيان الجيش: “تم تقييم الوضع، وقررنا السماح بمغادرة الأماكن المحمية في جميع أنحاء البلاد”.
في سياق متصل، حذر مسؤول أمريكي رفيع المستوى من أن إيران تستعد لشن هجوم “وشيك” باستخدام صواريخ باليستية ضد إسرائيل. وأوضح المسؤول، الذي طلب عدم الكشف عن هويته، أن الولايات المتحدة تدعم بشكل كامل الجهود الدفاعية الإسرائيلية، محذراً من أن “أي هجوم مباشر من إيران على إسرائيل سيترتب عليه عواقب وخيمة”.
ورداً على التحذير الأمريكي، أعلن الجيش الإسرائيلي أنه لم يرصد أي تهديد جوي من إيران في الوقت الراهن، لكنه أكد استعداده “للدفاع والهجوم” إذا لزم الأمر. وأوضح المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، دانيال هاغاري، في تصريح تلفزيوني، أن الجيش الأمريكي أبلغهم برصد تحضيرات إيرانية لإطلاق صواريخ على إسرائيل، مضيفاً: “حتى الآن لم نرصد أي تهديد جوي من إيران”. وأكد هاغاري أن الجيش الإسرائيلي جاهز للدفاع عن نفسه والتعامل مع أي تهديد محتمل.
تصاعدات ومستويات خطيرة
تصاعدت التوترات بين حزب الله والاحتلال الإسرائيلي إلى مستويات خطيرة عقب اغتيال الأمين العام للحزب، حسن نصرالله، على يد قوات الاحتلال، وردًا على ذلك، أطلق حزب الله اليوم رشقات صاروخية مكثفة استهدفت مستوطنات الاحتلال.
وذكرت مراسلة قناة “القاهرة الإخبارية”، دانا أبوشمسية، أن جيش الاحتلال أصدر بيانًا أعلن فيه إطلاق 15 صاروخًا من جنوب لبنان باتجاه مناطق مثل نهاريا ورأس الناقورة. وبحسب القناة الـ12 الإسرائيلية، دوت صافرات الإنذار في عدة مناطق على الحدود الشمالية بعد هذه الهجمات.
وفي تل أبيب، أكدت مراسلة “القاهرة الإخبارية” أن صواريخ أخرى أُطلقت باتجاه طبريا، حيث سقط بعضها في مناطق مفتوحة دون وقوع إصابات. وأضافت أن وسائل إعلام إسرائيلية أشارت إلى أن أحد الصواريخ التي سقطت في طبريا قد يكون مصدره الفصائل العراقية في الشرق.
صافرات الإنذار دوت أيضًا في الجليل الغربي ورأس الناقورة ونهاريا بعد إطلاق صواريخ من جنوب لبنان. وقد تم تفعيل منظومة الدفاع الجوي الإسرائيلية لاعتراض بعضها، بينما سقطت صواريخ أخرى في مناطق مفتوحة، مما تسبب في اندلاع حرائق في عدة مواقع جراء الشظايا.
وأشارت مراسلة “القاهرة الإخبارية” إلى أن هذه الهجمات الصاروخية تأتي في ظل تقديرات إسرائيلية خاطئة تشير إلى القضاء على قدرات حزب الله الصاروخية، وهو ما ينفيه هذا التصعيد.
من جهته، أعلن حزب الله قصفه لمستوطنتي كابري وجيشر هزيف في شمال إسرائيل، مؤكدًا أيضًا أنه استهدف مستوطنة ساعر ردًا على اعتداء جيش الاحتلال على المدنيين في جنوب لبنان.
المصدر || القاهرة الإخبارية
جاسوس إيراني
أفادت صحيفة “لو باريزيان” الفرنسية، نقلاً عن مصدر أمني لبناني، بأن جاسوس إيراني قدم لإسرائيل معلومات عن موقع زعيم حزب الله، حسن نصرالله، مما أدى إلى اغتياله، الجمعة الماضية.
وقالت الصحيفة إن نصر الله لقي مصرعه في غارة إسرائيلية استهدفت مقر قيادة حزب الله في الضاحية الجنوبية لبيروت. وأضافت أن نصر الله كان يستقل نفس السيارة التي كان فيها نائب قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، عباس نيلفوروشان، الذي قُتل أيضاً في الهجوم.
لو باريزيان
وأوضحت “لو باريزيان” أن الجاسوس الإيراني، الذي لم يُفصح عن هويته، هو من أعلم إسرائيل بوصول نصر الله إلى الموقع قبل تنفيذ الضربة.
وأكدت الصحيفة الفرنسية أن الاجتماع الذي حضره نصر الله ونيلفوروشان كان يضم 12 من كبار قادة حزب الله، كما أضافت أن إسرائيل انتظرت حتى بدأ الاجتماع لتنفيذ الغارة.
يديعوت أحرونوت
من جهة أخرى، ذكرت صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية أن “أفراداً على الأرض” كانوا من بين أهم مصادر المعلومات التي حصلت عليها إسرائيل قبل تنفيذ عملية الاغتيال.
نيويورك تايمز
وأكدت صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية أن قرار تنفيذ الضربة اتُخذ في نفس يوم الهجوم، إذ كان القادة الإسرائيليون يرون أن لديهم وقتاً محدوداً قبل أن ينتقل نصر الله إلى مكان آخر.
وأعلن الجيش الإسرائيلي يوم السبت عن مقتل نصر الله في الغارة التي نُفذت يوم الجمعة، فيما أكد حزب الله مقتله دون تقديم تفاصيل إضافية.
ويُعد مقتل نصر الله ضربة قوية ليس فقط لحزب الله، بل أيضاً لإيران، حيث فقدت حليفاً أساسياً في المنطقة.
حزب الله يعلن مقتل أمينه
أعلن حزب الله، يوم السبت، عن مقتل الأمين العام للحزب حسن نصرالله في الغارة التي استهدفت، يوم الجمعة، مقر قيادة الحزب في ضاحية بيروت الجنوبية، وذلك بعد أن أكدت إسرائيل اغتياله في وقت سابق.
بيان حزب الله
“سماحة السيد، سيد المقاومة، العبد الصالح، انتقل إلى جوار ربه ورضوانه شهيدًا عظيمًا، قائدًا بطلًا مقدامًا، شجاعًا حكيمًا مؤمنًا، ملتحقًا بقافلة شهداء كربلاء النورانية الخالدة في المسيرة الإلهية الإيمانية على خطى الأنبياء والأئمة الشهداء”.
كما أضاف البيان: “لقد انضم سماحة السيد حسن نصر الله، الأمين العام لحزب الله، إلى رفاقه الشهداء العظام الخالدين، الذين قادهم في مسيرتهم على مدار ثلاثين عامًا، انتقل بهم من نصر إلى نصر، بدءًا من قيادة سيد شهداء المقاومة عام 1992، مرورًا بتحرير لبنان في عام 2000، وانتهاءً بالنصر الإلهي المؤزر في عام 2006، وكل معارك الشرف والفداء، وصولًا إلى معركة الإسناد والبطولة دعمًا لفلسطين وغزة والشعب الفلسطيني المظلوم”.
وعاهدت قيادة الحزب على “استمرار جهادها في مواجهة العدو، ودعم غزة وفلسطين، والدفاع عن لبنان وشعبه الصامد والشريف”.
جيش الاحتلال الإسرائيلي يعلن اغتيال حسن نصرالله
كان جيش الاحتلال الإسرائيلي قد أعلن صباح اليوم عن اغتيال الأمين العام لحزب الله، حسن نصرالله ، وذلك في ظل الصمت الذي التزم به الحزب منذ مساء أمس الجمعة عقب الغارة الإسرائيلية التي استهدفت مقر قيادته في حارة حريك بالضاحية الجنوبية لبيروت.
وأكد مصدر مقرب من حزب الله في وقت سابق أن الاتصال بحسن نصر الله انقطع منذ مساء الجمعة، وفي المقابل، صرح مصدر أمني إسرائيلي بأن “النجاة من الهجوم على الضاحية أمر شبه مستحيل إلا بحدوث معجزة”، وفقاً لما نقلته صحيفة “إسرائيل هيوم”.
جاء هذا التصريح بعد أن شنت الطائرات الإسرائيلية مساء أمس هجوماً باستخدام 10 قنابل خارقة للتحصينات، بوزن طنين لكل قنبلة، استهدفت المنطقة الأمنية لحزب الله في حارة حريك، حيث يقع مقر قيادة الحزب، مع تقارير تشير إلى وجود مستشار إيراني كبير في الموقع أيضاً.
من هو حسن نصرالله
حسن نصر الله هو رجل دين شيعي وزعيم حزب الله اللبناني منذ فبراير 1992، يُعد حزب الله حالياً من أبرز القوى السياسية في لبنان، ويمتلك جناحاً عسكرياً إلى جانب الجيش اللبناني.
نصر الله يحظى بشعبية كبيرة في لبنان وبعض الدول العربية، ويُعتبر الوجه البارز للحزب، كان له دور أساسي في تحول حزب الله إلى قوة سياسية فاعلة، مما مكّنه من اكتساب نفوذ في النظام السياسي اللبناني.
يتمتع نصرالله بعلاقة مميزة مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية وزعيمها، آية الله علي خامنئي، ورغم إدراج حزب الله ضمن قائمة التنظيمات الإرهابية من قبل الولايات المتحدة، إلا أن قادة إيران ونصرالله لم يخفوا يوماً عمق الروابط التي تجمعهم.
يحظى نصرالله بشعبية واسعة بين مؤيديه، وفي المقابل لديه أعداء كُثر، وبسبب ذلك، اختار عدم الظهور علناً لعدة سنوات خشية استهدافه من قبل إسرائيل. ورغم غيابه، لم يتوقف جمهوره عن متابعة خطاباته التي يلقيها بشكل شبه منتظم.
وُلد حسن نصرالله في أغسطس 1960 في أحد الأحياء الفقيرة بشرق بيروت. كان والده يمتلك متجراً صغيراً للبقالة، وكان حسن الابن الأكبر بين تسعة أبناء.
عندما اندلعت الحرب الأهلية اللبنانية وهو في الخامسة عشرة من عمره، كانت البلاد تعيش صراعاً دامياً استمر 15 عاماً، حيث تقاتل اللبنانيون فيما بينهم بناءً على انتماءاتهم الطائفية.
مع بداية الحرب، قرر والده العودة إلى قريته الأصلية في جنوب لبنان، البازورية، وهي قرية ذات أغلبية شيعية تقع في منطقة صور. هناك أكمل حسن نصرالله تعليمه الابتدائي والثانوي.
كان الكثير من أبناء الطائفة الشيعية يشعرون بالتمييز والاضطهاد خلال فترة الحكم العثماني والانتداب الفرنسي، واستمرت تلك المشاعر بعد الاستقلال، حينما استحوذت النخب المسيحية والسنية على السلطة.
في تلك الفترة، كانت الميليشيات المسيحية والسنية تُتهم بتلقي دعم خارجي لتحقيق مكاسب عسكرية.
أما الطائفة الشيعية، التي كانت تشكل الأغلبية في جنوب لبنان وفي منطقة البقاع الشرقي، إلى جانب أقلية من المسيحيين الموارنة والأرثوذكس، فقد كانت في الخطوط الأمامية للصراع مع إسرائيل.
في ظل هذه الظروف، تبنّى حسن نصرالله هويته الشيعية، وانضم في سن الخامسة عشرة إلى حركة أمل، التي كانت في ذلك الوقت أهم حركة سياسية وعسكرية شيعية في لبنان، أسسها الإمام موسى الصدر.
بالرغم من أن حسن نصرالله قضى عامين فقط في النجف قبل أن يغادر العراق، إلا أن تلك الفترة تركت بصمة عميقة على حياته. هاجر نصرالله إلى النجف عندما كان في السادسة عشرة من عمره.
في تلك الأثناء، كان العراق يعيش حالة من عدم الاستقرار، حيث عانى من عقود من الثورات والانقلابات الدموية والاغتيالات السياسية. وعلى الرغم من أن حسن البكر كان لا يزال في السلطة، إلا أن صدام حسين، الذي كان نائباً للرئيس حينها، قد تمكن من تعزيز نفوذه بشكل كبير.
بعد عامين من وجود نصرالله في النجف، أدرك قادة حزب البعث، وخاصة صدام، أنه يجب اتخاذ تدابير إضافية لتقليص تأثير الشيعة. وكان من ضمن قراراتهم طرد جميع الطلاب الشيعة اللبنانيين من الحوزات العلمية في العراق.
رغم قصر فترة دراسته، كانت تجربته في النجف مؤثرة جداً، حيث التقى هناك بعالم دين يُدعى عباس الموسوي. كان الموسوي يعتبر أحد طلاب موسى الصدر في لبنان، وخلال فترة إقامته في النجف، تأثر بشكل كبير بالأفكار السياسية لروح الله الخميني. كان الموسوي يكبر نصرالله بثماني سنوات، وسرعان ما أصبح معلمًا صارمًا ومرشدًا مؤثرًا في حياته.
بعد عودتهما إلى لبنان، انخرط الاثنان في الصراع خلال الحرب الأهلية، ولكن هذه المرة توجه نصرالله إلى مسقط رأس الموسوي في بلدة النبي شيت بالبقاع.
في عام 1985، أعلن حزب الله رسميًا عن تأسيسه، وانضم إليه حسن نصرالله وعباس الموسوي وبعض الأعضاء الآخرين من حركة أمل، وكان يقود المجموعة شخصية تُدعى صبحي الطفيلي، وسرعان ما تركت هذه المجموعة بصمتها في السياسة الإقليمية من خلال تنفيذ عمليات مسلحة ضد القوات الأمريكية في لبنان، وذلك بعد عام من عودة حسن نصرالله إلى لبنان.
جاء هذا الإعلان في وقت شهدت فيه إيران ثورة أدت إلى استيلاء روح الله الخميني على السلطة، وهو ما كان له تأثير عميق على العلاقة بين الشيعة في لبنان وإيران. كما أثرت الأحداث في إيران وأيديولوجيا الإسلام السياسي الشيعي بشكل كبير على الحياة السياسية والكفاح المسلح للشيعة اللبنانيين.
بالنسبة لحسن نصرالله، كان هذا التحول عائدًا إلى حد كبير إلى قرار أصدره الخميني، حيث التقى نصرالله بقائد الجمهورية الإسلامية في طهران عام 1981. عينه الخميني ممثلاً له في لبنان “لرعاية شؤون الحسبة وجمع الأموال الإسلامية”، مما مهد الطريق لنصرالله للقيام برحلات متقطعة إلى إيران وبناء علاقات مع صانعي القرار في الحكومة الإيرانية.
أبدى الإسلاميون الشيعة في إيران اهتمامًا كبيرًا بالروابط التاريخية والدينية مع الشيعة اللبنانيين. وكان الشعور المعادي للغرب هو ركيزة أساسية في النسخة الإيرانية من الإسلام السياسي الشيعي التي روج لها الخميني، حيث أصبحت معاداة إسرائيل و”القضية الفلسطينية” من أهم أولويات السياسة الخارجية الإيرانية بعد الثورة.
في تلك الفترة، كان لبنان، الذي كان يعاني من الحرب الأهلية، قد تحول إلى قاعدة رئيسية للمقاتلين الفلسطينيين، الذين كان لهم وجود قوي في جنوب لبنان وبيروت. ومع تصاعد عدم الاستقرار، شنت إسرائيل هجومًا على لبنان في يونيو/حزيران 1982 واحتلت أجزاء واسعة منه، مدعيةً أن الهجوم كان ردًا على العدوان الفلسطيني.
بعد فترة وجيزة من الغزو، قرر قادة الحرس الثوري الإيراني، الذين اكتسبوا خبرة في الحروب التقليدية بسبب الحرب مع العراق، إنشاء مجموعة ميليشيا في لبنان تابعة بالكامل لإيران، واختاروا اسم “حزب الله” لهذه المجموعة.
وانضم حسن نصرالله إلى حزب الله وهو في الثانية والعشرين من عمره، واعتُبر مبتدئًا وفقًا لمعايير رجال الدين الشيعة. في منتصف الثمانينيات، ومع تعزيز علاقته بإيران، قرر الانتقال إلى مدينة قم لمتابعة دراسته الدينية. خلال إقامته في الحوزة العلمية هناك، أتقن اللغة الفارسية وبنى علاقات صداقة قوية مع العديد من الشخصيات السياسية والعسكرية في إيران.
عند عودته إلى لبنان، نشب خلاف كبير بينه وبين عباس الموسوي. كان الموسوي يؤيد تعزيز النشاط والنفوذ السوري في لبنان تحت قيادة حافظ الأسد، بينما أصر نصرالله على ضرورة تركيز الجماعة على الهجمات ضد الجنود الأمريكيين والإسرائيليين.
وجد نصرالله نفسه في موقف الأقلية داخل حزب الله، وبعد فترة قصيرة، تم تعيينه “ممثلاً لحزب الله في إيران”، مما أعاده إلى إيران وأبعده عن الساحة اللبنانية. على الرغم من الدعم الواسع من طهران، بدا أن نفوذ إيران على حزب الله يتراجع، وكان التأثير على قرارات الحزب أمرًا صعبًا.
تصاعد التوتر لدرجة أنه في عام 1991، تم عزل صبحي الطفيلي من منصبه كأمين عام لحزب الله بسبب معارضته لارتباط الجماعة بإيران، وتم تعيين عباس الموسوي بدلاً منه. بعد هذا التغيير، عاد حسن نصرالله إلى لبنان، وبدت مواقفه بشأن دور سوريا في البلاد أكثر اعتدالًا، ليصبح فعليًا الرجل الثاني في حزب الله.
اغتيل عباس الموسوي على يد عملاء إسرائيليين بعد أقل من عام من انتخابه أميناً عاماً لحزب الله. في العام نفسه، 1992، انتقلت قيادة الجماعة إلى حسن نصرالله. في ذلك الوقت، كان عمره 32 عاماً، واعتبر الكثيرون أن اختياره مرتبط بعلاقاته الخاصة مع إيران.
حتى من منظور العديد من رجال الدين الشيعة، كان نصرالله يفتقر إلى التعليم الديني الكافي، ولهذا السبب استأنف دراسته بالتوازي مع مهامه القيادية.
كانت إحدى المبادرات المهمة لحسن نصرالله في ذلك الوقت ترشيح بعض المنتسبين وأعضاء “حزب الله” في الانتخابات اللبنانية. كان قد مر عام على الوساطة السعودية في الحرب الأهلية اللبنانية ونهايتها في اتفاق الطائف. قرر نصرالله جعل الجناح السياسي لحزب الله فاعلاً جدياً في البلاد إلى جانب الفرع العسكري، ونتيجة لهذه الاستراتيجية، تمكن حزب الله من الفوز بثمانية مقاعد في البرلمان اللبناني.
وفي الوقت نفسه، كان الجناح العسكري للحزب لا يزال متهماً بالتخطيط لعمليات إرهابية وتنفيذها. وقع تفجير مركز الجالية اليهودية في الأرجنتين والهجوم على السفارة الإسرائيلية في الأرجنتين خلال هذه الفترة.
في تلك الأثناء، وبناءً على اتفاق الطائف الذي أنهى الحرب الأهلية اللبنانية، سُمِح لحزب الله بالاحتفاظ بأسلحته. في ذلك الوقت، كانت إسرائيل قد احتلت جنوب لبنان، وبصفته منظمة تقاتل ضد القوات المحتلة، ظل حزب الله مسلحاً.
كما أن الدعم المالي الإيراني مكّن نصرالله من توفير خدمات الرعاية الاجتماعية والرفاهية للعديد من الشيعة اللبنانيين من خلال تشكيل شبكة معقدة من المدارس والمستشفيات والجمعيات الخيرية. وأصبحت هذه السياسة التي لا تزال مستمرة حتى اليوم، واحدة من الجوانب المهمة للحركة السياسية والاجتماعية للشيعة في لبنان.
في عام 2000، أعلنت إسرائيل عن انسحابها الكامل من لبنان، منهية احتلالها للمناطق الجنوبية من البلاد. احتفل حزب الله بهذه الخطوة كإنجاز كبير، حيث نُسب الفضل في هذا الانتصار إلى حسن نصرالله.
كانت هذه المرة الأولى التي تنسحب فيها إسرائيل من أراضي دولة عربية بشكل أحادي ودون توقيع اتفاق سلام، مما اعتبره العديد من المواطنين العرب في المنطقة إنجازًا مهمًا.
ومع ذلك، منذ ذلك الحين، أصبحت قضية السلاح واحدة من القضايا الرئيسية المتعلقة باستقرار وأمن لبنان. فبعد انسحاب إسرائيل، بدأت قوى سياسية لبنانية وأجنبية تطالب بنزع سلاح حزب الله، بينما تمسك الحزب بحقه في الاحتفاظ بسلاحه.
لاحقًا، تمكن نصرالله من التوصل إلى اتفاق لتبادل الأسرى خلال مفاوضات مع إسرائيل، مما أسفر عن الإفراج عن أكثر من 400 أسير فلسطيني ولبناني ومواطنين من دول عربية أخرى.
في تلك الأثناء، بدا نصرالله أكثر قوة ونفوذًا من أي وقت مضى، مما جعل خصومه في الساحة السياسية اللبنانية يواجهون تحديًا جدياً في محاولة مواجهة توسع نفوذه وقوته.
اغتيال الحريري ونفوذ حسن نصرالله
في عام 2005، بعد اغتيال رفيق الحريري، رئيس وزراء لبنان آنذاك، شهدت الأجواء تغييرات ملحوظة في الرأي العام. كان الحريري يعد من أبرز السياسيين المقربين من السعودية، وقد بذل جهودًا كبيرة لعرقلة صعود نفوذ حزب الله.
توجه الغضب الشعبي نحو حزب الله وحليفته الرئيسية في لبنان، سوريا، حيث اتُهمتا بالتورط في اغتيال الحريري. نتيجةً للتظاهرات الكبيرة التي شهدتها بيروت من قبل المعارضة، أعلنت سوريا عن سحب قواتها من لبنان.
ومع ذلك، خلال الانتخابات البرلمانية التي جرت في نفس العام، لم يزد عدد الأصوات التي حصل عليها حزب الله فحسب، بل تمكن أيضًا من تعيين اثنين من أعضائه في الحكومة.
في صيف عام 2006، نفذ مقاتلو حزب الله عملية على الحدود الجنوبية للبنان أدت إلى مقتل جندي إسرائيلي وأسر جنديين. ردت إسرائيل بهجوم قاسٍ استمر لمدة 33 يومًا، قُتل خلاله نحو 1,200 لبناني.
أدت هذه الحرب إلى زيادة شعبية نصرالله، الذي تم تصويره في الدول العربية كرمز للمقاومة ضد إسرائيل. وعند انتهاء النزاع، رفض حزب الله مجددًا تسليم أسلحته. كما لعبت الجماعة دورًا رئيسيًا في إعادة إعمار الدمار الذي خلفته الحرب، وهو دور أشارت إليه معارضو الجمهورية الإسلامية في إيران كونه تحقق بفضل الدعم المالي السخي من طهران.
مع تزايد نفوذ حزب الله، أصر خصومه السياسيون، وخاصة السنة في لبنان، على أن الحزب أصبح دولة داخل دولة، مؤكدين أن أنشطته تضعف أمن لبنان واقتصاده.
في عام 2008، وبعد أشهر من الصراع السياسي، قررت الحكومة اللبنانية تفكيك نظام الاتصالات الذي كان تحت سيطرة حزب الله، مما أدى إلى وضع شؤون الاتصالات بالكامل تحت إدارة الحكومة. إلا أن نصرالله رفض هذا القرار، وتمكن بسرعة من السيطرة الكاملة على بيروت بواسطة ميليشياته.
لاقى هذا التحرك انتقادات واسعة من الدول الغربية، ومع ذلك، نجح نصرالله بعد مفاوضات سياسية في تعزيز قوة حزب الله داخل مجلس الوزراء اللبناني.
تمكن نصرالله من تجاوز أزمات تاريخية، مثل الربيع العربي، والحرب الأهلية السورية، والأزمة الاقتصادية المستمرة في لبنان، رغم تراجع تمثيله في المجلس النيابي اللبناني بعد الانتخابات الأخيرة في عام 2022.
في سن 63 عامًا، يُعتبر حسن نصرالله قائدًا سياسيًا وعسكريًا في لبنان، على الرغم من الانقسام حول مكانته ودوره، ورفض خصومه السياسيين لهيمنته على الساحة اللبنانية، بالإضافة إلى نشر حزب الله للأسس الأيديولوجية للإسلام الشيعي.
تحدياً كبيراً
وتواجه جماعة “حزب الله” اللبنانية تحدياً كبيراً في سد الثغرات الأمنية التي مكنت إسرائيل، عدوها اللدود، من تدمير مواقع أسلحتها، تفخيخ أجهزة اتصالاتها اللاسلكية، واغتيال عدد من قياداتها، بما في ذلك أمينها العام حسن نصر الله، الذي كان مكان إقامته سراً لسنوات.
اغتيال نصر الله تم يوم الجمعة الماضية في مقر القيادة المركزية للحزب، بعد أسبوع من تفجير إسرائيل لأجهزة اتصالات مفخخة. الحزب أعلن مقتل أمينه العام في وقت كانت فيه الهجمات الإسرائيلية قد قضت بالفعل على نصف قيادة “حزب الله” العسكرية.
مصدر أمني كشف أن نصر الله كان يتجنب الظهور العلني منذ حرب 2006، مما يشير إلى أن جماعته تعرضت لاختراق من جواسيس لصالح إسرائيل. قبل أسبوع من الاغتيال، أصبح نصر الله أكثر حذراً بعد سلسلة تفجيرات استهدفت أجهزة الاتصالات اللاسلكية للحزب في 17 سبتمبر.
التقارير الواردة من مصادر متعددة في لبنان، إسرائيل، إيران، وسوريا أكدت أن الضربات الإسرائيلية ألحقت أضراراً جسيمة بهيكل القيادة وخطوط الإمداد الخاصة بـ”حزب الله”. وقبل أقل من يوم على اغتيال نصر الله، أكد مصدر مطلع أن إسرائيل استطاعت خلال 20 عاماً تركيز جهودها الاستخباراتية على الحزب، مما أتاح لها القدرة على استهداف نصر الله في أي وقت.
خبير الشؤون اللبنانية ماجنوس رانستورب وصف الاغتيال بأنه ضربة قاصمة لـ”حزب الله” وفشل استخباراتي كبير. كما أعلنت إسرائيل مقتل 8 من أكبر قيادات الحزب العسكريين خلال العام، معظمهم خلال الأسبوع الماضي.
من ناحية أخرى، تستعد إيران لدعم “حزب الله” بإرسال صواريخ باليستية استعداداً لحرب طويلة الأمد، بينما أفادت تقارير بأن طهران لا ترغب في التورط المباشر في مواجهة شاملة. وسائل إعلام إيرانية نقلت عن سقوط نائب قائد الحرس الثوري الإيراني في الضربات الإسرائيلية.
على الرغم من هذه الضربات، تشير التقديرات إلى أن “حزب الله” يمتلك حوالي 40 ألف مقاتل، فضلاً عن شبكة أنفاق على الحدود مع إسرائيل. ومع أن الحزب قادر على تعويض القادة بسرعة، فإن الضربات الأخيرة أضعفته مادياً ومعنوياً.
الدعم الإيراني المستمر على مدى العقود الماضية جعل “حزب الله” من بين أقوى الجيوش غير النظامية في العالم بترسانة هائلة، ولكن التقديرات تشير إلى أن الحزب فقد ما بين 20% و25% من قدراته الصاروخية خلال الصراع الحالي.