تعد الاستخبارات الروسية واحدة من أكثر الأجهزة نشاطًا وتأثيرًا في الساحة الأوروبية. فقد اتسمت استراتيجيتها في السنوات الأخيرة بتكتيك “الإرباك”، الذي يهدف إلى زعزعة استقرار الدول الأوروبية، وتعزيز النفوذ الروسي عبر مجموعة من الأنشطة، أبرزها حملات التضليل، التجسس، ودعم اليمين المتطرف.
التدخل في السياسة الأوروبية وحملات التضليل الإعلامي
تحولت الاستخبارات الروسية إلى عامل مؤثر في السياسة الأوروبية من خلال عمليات تضليل واسعة النطاق.
أصدرت لجنة الاستخبارات والأمن البريطانية تقارير تؤكد تدخل روسيا في السياسة البريطانية، مشيرة إلى اعتمادها على نشر الأخبار المزيفة وإذكاء الشقاق الداخلي. كما رصدت المفوضية الأوروبية محاولات روسية خلال جائحة كورونا لنشر أخبار مضللة بهدف تعزيز مصالحها.
اعتداءات واستهداف سياسيين أوروبيين
نفذت روسيا عمليات استهدفت سياسيين أوروبيين عبر اختلاق مؤامرات، كما حدث في التشيك عندما طُرد دبلوماسيون روس بعد ادعاءات بمخطط لتسميم مسؤولين. وقد وثّقت تقارير أوروبية وصول جواسيس روس إلى براغ حاملين مواد سامة، مما تسبب في توتر دبلوماسي كبير.
التجسس واختراق المؤسسات العسكرية
تضمنت الأنشطة الروسية عمليات تجسس دقيقة استهدفت مؤسسات عسكرية وأمنية في أوروبا. فقد أدين ضباط في فرنسا والنمسا بتسريب معلومات حساسة إلى الاستخبارات الروسية، بالإضافة إلى قرصنة إلكترونية استهدفت مراكز بحثية وأكاديمية تطور لقاحات ضد كورونا في بريطانيا.
تصفية المعارضين الروس في أوروبا
تعقب المعارضين الروس وتصفيتهم كانت سياسة واضحة للاستخبارات الروسية، كما في حادثة تسميم المعارض أليكسي نافالني.
وأشارت تقارير إلى وحدة استخباراتية روسية تنفذ عمليات اغتيال وتخريب داخل دول الاتحاد الأوروبي، ما زاد من توتر العلاقات الروسية الأوروبية.
دعم اليمين المتطرف في أوروبا
كشفت تقارير عن تدريب جماعات يمينية متطرفة في معسكرات روسية على استخدام الأسلحة والمتفجرات. هذا الدعم يسعى لتأجيج النزاعات الداخلية في أوروبا، مما يخدم أهداف روسيا في تقويض استقرار الاتحاد الأوروبي.
موقف الاتحاد الأوروبي من الأنشطة الروسية
أدت أنشطة الاستخبارات الروسية إلى فرض عقوبات متزايدة على موسكو من قبل الاتحاد الأوروبي، خصوصًا بعد ضم شبه جزيرة القرم.. العقوبات طالت قطاعات اقتصادية وشخصيات سياسية، مع تصعيد مستمر للضغط على موسكو لتحجيم تدخلاتها.
تحليل شامل
استراتيجية الإرباك التي تعتمدها روسيا تشكل تهديدًا كبيرًا لأمن أوروبا. بين التجسس، حملات التضليل، ودعم الجماعات المتطرفة، تظهر موسكو رغبتها الواضحة في استعادة نفوذها الدولي.. إلا أن هذه الاستراتيجية تؤدي إلى تدهور العلاقات مع الاتحاد الأوروبي، مع احتمالات لتصعيد أكبر في المستقبل القريب.
خاتمة
رغم محاولات موسكو استغلال مصادرها للطاقة وعلاقاتها التجارية للضغط على أوروبا، فإن تصاعد التوترات والعقوبات قد ينعكس سلبًا على كلا الطرفين.
يبقى على الاتحاد الأوروبي تعزيز أمنه السيبراني والسياسي لمواجهة هذه التحديات، مع السعي لتنويع مصادر الطاقة والحد من الاعتماد على روسيا.
المصدر | المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات
اقرأ أيضاً في إشعار:
• قمة الدول الثماني النامية للتعاون الاقتصادي: الرئيس السيسي يعزز التعاون الدولي (تقرير شامل)
• حقيقة انتشار متحور كورونا جديد .. الوقاية وطرق العلاج
• قصة أصحاب الكهف – عبرة من الماضي وأمل في المستقبل
• أزمة المياه في غزة .. استخدام إسرائيل للمياه كسلاح في غزة يفاقم أزمة إنسانية خانقة