تدخل العلاقات الأيرلندية الإسرائيلية مرحلة جديدة من التوتر الحاد، بعد إعلان إسرائيل قرارها إغلاق سفارتها في العاصمة الإيرلندية دبلن.
هذه الخطوة تُعتبر تصعيدًا دبلوماسيًا غير مسبوق جاء كرد فعل على سياسات الحكومة الإيرلندية المؤيدة للقضية الفلسطينية، والتي اعتبرتها تل أبيب “تجاوزًا للخطوط الحمراء”.
أسباب التصعيد الأخير
يرجع هذا التوتر في العلاقات الأيرلندية الإسرائيلية إلى انضمام الحكومة الأيرلندية مؤخرًا إلى عريضة مرفوعة أمام محكمة العدل الدولية في لاهاي، تتهم إسرائيل بارتكاب جرائم إبادة جماعية بحق الفلسطينيين في قطاع غزة.. هذا الموقف، الذي اتخذته أيرلندا علنًا، اعتبرته إسرائيل خطوة عدائية تهدد مصالحها وصورتها الدولية.
وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر برر القرار بأنه يأتي ردًا على “السياسة المعادية لإسرائيل” التي تنتهجها أيرلندا، مضيفًا أن دبلن لطالما اتخذت مواقف أحادية الجانب بشأن الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، الأمر الذي أدى إلى تعميق الفجوة بين البلدين.

الموقف الأيرلندي .. دفاع عن المبادئ
من جانبه، أعرب رئيس الوزراء الأيرلندي سيمون هاريس عن أسفه للقرار الإسرائيلي، رافضًا وصف بلاده بأنها معادية لإسرائيل.
وأكد أن أيرلندا تسعى لتحقيق السلام وتعزيز مبادئ حقوق الإنسان والقانون الدولي، مشيرًا إلى أن موقف بلاده ينبع من التزامها بحل الدولتين وحق الفلسطينيين والإسرائيليين في العيش بسلام وأمن.
هاريس شدد على أن انضمام أيرلندا إلى العريضة المقدمة في لاهاي ليس إلا خطوة ضمن إطار مساندتها للقانون الدولي ورفضها لأي انتهاكات إنسانية.
تاريخ متوتر ومواقف حادة
لم تكن هذه الحادثة هي الأولى من نوعها بين إسرائيل وأيرلندا؛ فـ العلاقات الأيرلندية الإسرائيلية لطالما شهدت توترات بسبب المواقف الأيرلندية الصريحة من القضية الفلسطينية.. ففي الماضي، كانت أيرلندا من أوائل الدول الأوروبية التي اعترفت بدولة فلسطين، ما أثار غضب تل أبيب التي اعتبرت القرار “غير مفيد” لجهود تحقيق السلام.
كما أن البرلمان الأيرلندي اتخذ خطوات عديدة لإدانة السياسات الإسرائيلية في الأراضي المحتلة، وهو ما جعل أيرلندا دائمًا في مواجهة سياسية مفتوحة مع إسرائيل.
ازدواجية إسرائيلية أم انتقائية؟
اللافت في هذا القرار أن إسرائيل لم تتخذ إجراءات مماثلة مع دول أخرى شاركت في تقديم العريضة أمام محكمة العدل الدولية.. هذا يطرح تساؤلات حول ما إذا كان القرار الإسرائيلي نابعًا من الخصوصية التاريخية للعلاقات المتوترة مع أيرلندا، أم هو مجرد رسالة دبلوماسية موجهة للضغط على حكومة دبلن تحديدًا!
المراقبون يرون أن العلاقات الأيرلندية الإسرائيلية منحدرة، وأن تل أبيب تسعى لتوجيه تحذير صارم لأيرلندا، ربما بهدف ردعها عن مزيد من الإجراءات التي قد تؤثر على صورتها الدولية، خاصةً في ظل تزايد الانتقادات العالمية للحملة العسكرية الإسرائيلية في غزة.
العلاقات الأيرلندية الإسرائيلية .. انحدار يتجه نحو القطيعة؟
من الواضح أن العلاقات الأيرلندية الإسرائيلية وصلت إلى نقطة حرجة قد تقود إلى قطيعة دبلوماسية كاملة إذا استمر التصعيد.
بالنسبة لأيرلندا، فإن مواقفها الثابتة من القضية الفلسطينية تأتي انسجامًا مع مبادئها السياسية والأخلاقية، ما يعني أن احتمال تراجعها عن هذه السياسات يبدو ضعيفًا.
في المقابل، تبدو إسرائيل غير راغبة في السماح لأيرلندا بمواصلة الضغط عليها على الساحة الدولية، ما قد يدفعها إلى مزيد من الإجراءات التصعيدية في المستقبل.
ختامًا ؛ العلاقات الأيرلندية الإسرائيلية تمر بمنعطف تاريخي حساس يعكس حجم التباين في الرؤى السياسية بينهما.. وبينما تسعى أيرلندا إلى تعزيز مبادئ القانون الدولي والدفاع عن حقوق الفلسطينيين، تُصر إسرائيل على اعتبار هذه المواقف تهديدًا مباشرًا لمصالحها.. ما إذا كان هذا الانحدار سينتهي بقطيعة دبلوماسية أم سيفتح الباب أمام مراجعة شاملة للمواقف، يبقى أمرًا مرهونًا بما تحمله الأيام القادمة.

اقرأ أيضاً في إشعار:
• مصر تؤكد وقوفها إلى جانب الدولة والشعب السوري وتدعم وحدتها وسيادة أراضيها