الاجابة النموذجية ليست صحيحة
لعل أكثر الأسئلة التي يفتتح بها محاضرات الإدارة أو التدريبات الإدارية هو هذا السؤال، ولهذا السؤال اجابه نموذجية هي أن كل قائد مدير، وليس كل مدير قائد في إشارة إلى أن المدير هو من يقوم بتنفيذ التعليمات وفرض السيطرة على مرؤوسيه، بينما القائد هو الشخص الذي يعمل جنبا إلى جنب مع موظفيه دافعا إياهم إلى الإنجاز والإبداع في العمل، ولعلك أن بحثت قليلا على شبكة الإنترنت لوجدت مئات الرسومات التي تعبر عن هذه الفكرة السابقة، إن لم تكن استمعت إليها بنفسك عن طريق إحدى المحاضرات أو البرامج التلفزيونية أو عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
ولكن في الحقيقة أن هذا الموضوع له وجهة نظر أخرى … فالفرق أولا بين المدير والقائد هو فرق “قانوني” و “فني” بمعنى أن الأصل في من وصل إلى درجه “المدير” أنه تدرج في الوظائف أو تم “تعيينه” كمدير وبالتالي يفرض أوامره بقوة “السلطة القانونية” الممنوحة له، أما من اختير كقائد فمن المفترض أن أوامره تطاع “لشخصيته القيادية”، وهذا هو الأصل في الفرق، ودون الدخول في جدل كلامي سأضرب لحضراتكم مثالا سريعا فالمفترض أن الأب يتمتع بسلطة على أولاده وهم يطيعونه لأنهم “يحبونه”، ولكن هناك أبناء يطيعون آباءهم فقط لأنهم “آبائهم”، بمعنى أن هل كل أب هو أب فعلا؟، وهذا هو الفرق الأساسي في المفهوم بين المدير والقائد.
المدير يبحث عن مكانه المناسب
ولكن هل معنى ذلك أن القائد أفضل من المدير؟ … والإجابة التقليدية أيضا هي نعم، ولكن إذا فكرت في الأمر بتمعن ستجد أنك في حاجة إلى استدعاء الجانب “الفني” في الموضوع، فكون أن المدير أو القائد أصبح لديهم سلطه إعطاء الأوامر وإصدار القرارات فإن الجانب القانوني يكون قد أدى دوره في تسليم كليهما تلك السلطة، ليأتي بعد ذلك دور الجانب الفني، فالمدير دائما مرتبط بوصوله إلى المنصب- وأقول غالبا لأن لكل قاعدة استثناء- بأنه تدرج في الوظائف وكان الأجدر بين زملائه ليكون مديرا لهم، وغالبا ما يأتي ذلك بمعرفته وإلمامه بقوانين ولوائح العمل وبالتالي فإن تفكيره دائما يكون منصبا على “إنفاذ القوانين والقرارات” وعدم مخالفتها مع محاولاته الدائمة بأن لا يغضب منه مرؤوسوه، وأن يسير العمل فيه هدوء ودون مشاكل، وبالتالي يكون حريصا على أن لا يكون هناك أي تغيير في نظام العمل أو “روتين العمل” حتى لا يفاجئ بأمور جديدة قد تحدث له مشاكل … وبالتالي فإن أسلوب عمله سيكون “نمطيا” وغالبا ما سنشاهده في الوظائف الحكومية من خلال المصالح الحكومية التي احتك أغلبنا بها، لأنه لو حدث مشكلة في العمل فإن المدير لن يجد أمامه سوى أن يحلها بشكل قانوني يبدأ أولا بالإنذار الكلامي ثم التحويل للتحقيق لينتهي الأمر بلفت نظر أو جزاء يطبق على الموظف، لأنه من وجهة نظر المدير إن لم يفعل ذلك سيشكوه الموظف ويحصل هو على نفس العقاب، أو سيحدث خلل وتسيب في نظام العمل، وهو أمر أنا متأكد أنك بمجرد أن قرأته الآن قد وجدته يسبب لك إزعاج نفسي، ولكنه مع ذلك ناجح مع الأعمال النمطية وإذا أصبح هناك قليل من المرونة ستسير الأمور بشكل جيد.
نظرة جديدة للمدير والقائد
أما القائد فهو مصطلح قديم وله أشكال وأسماء متعددة ففي الأوساط السوقية يطلق عليه “المعلم” وأحيانا يطلق عليهم “الادارجى” والطف هذه المسميات هو الذي يطلق عليه “Creative” وهي تشير إلى نفس المعنى السابق أو المخرج بالنسبة لأهل السينما ولكن ترجمتها الحرفية هي المبدع، مما سيجعلنا نصل إلى قناعه أن القائد هو في الحقيقة “فنان” ويستخدم الجانب الفني لجذب المرؤوسين والقيام بأعمال “غير اعتيادية” عند أداء أعماله وهو أمر جذاب في حد ذاته وخصوصا إذا كان ناجحا.
وما يهمني أن أشير إليه أن كلا من المدير أو القائد في الأعمال هما أسلوب للعمل ينجح هذا النموذج في مكان ويفشل في آخر والعكس صحيح، ويمكنك أن ترجع إلى المديرين الناجحين وترى كيفية إدارتهم للأمور، وكذلك تنظر إلى القائد وترى إبداعاته، وبالتالي ستتضح لك الصورة.