شهدت سوريا خلال السنوات الماضية استحواذاً واسعاً من قبل الحلفاء الرئيسيين للنظام السوري، روسيا وإيران، على ثرواتها الطبيعية والاقتصادية، من خلال عقود طويلة الأجل تتيح لهم الاستفادة من الموارد السورية الاستراتيجية.
فقد تمكنت موسكو وطهران من تأمين مصالح اقتصادية ضخمة في مجالات الفوسفات، الاتصالات، الصناعة، العقارات، الزراعة، والنفط والغاز، مما عزز نفوذهما في البلاد.
الفوسفات: استثمارات طويلة الأجل لروسيا وإيران
تُعد سوريا واحدة من الدول الغنية بالفوسفات، وهو مورد استراتيجي يستخدم في صناعة الأسمدة والزراعة. في هذا السياق، وقعت روسيا عقوداً للاستحواذ على منجم الفوسفات الأكبر في منطقة خنيفيس لمدة 50 عامًا، ما يمنحها سيطرة كاملة على استخراج هذا المورد الحيوي.
من جانبها، حصلت إيران على عقد استثمار الفوسفات في تدمر بقيمة 125 مليون دولار، يسمح لها بالحصول على جزء من الإنتاج لمدة 50 عامًا، وهو ما يعكس النفوذ الاقتصادي الإيراني في سوريا.
قطاع الاتصالات: موطئ قدم إيراني جديد
لم تقتصر الاستثمارات الإيرانية على الموارد الطبيعية، بل امتدت إلى قطاع الاتصالات، حيث حصلت طهران على عقد لإنشاء مشغل ثالث للهواتف النقالة، ما يمنحها نفوذاً واسعاً في البنية التحتية للاتصالات السورية.
كما تضمن العقد إنتاج 16 مليون شريحة هاتف (SIM Card)، وهو ما يعزز سيطرة إيران على أحد أهم القطاعات الاستراتيجية في البلاد.
الصناعة والعقارات: امتداد اقتصادي إيراني في دمشق
في قطاع الصناعة، استحوذت إيران على عقود حصرية، أبرزها إعادة تفعيل مصنع السيارات المشترك “سيامكو”، وهو ما يرسخ وجودها في القطاع الصناعي السوري.
أما في مجال العقارات، فقد شهدت دمشق حملة شراء منظمة من قبل شخصيات إيرانية، حيث تم شراء عقارات في مناطق حساسة مثل أحياء الأمين والجورة، وهو ما اعتبره مراقبون جزءًا من مشروع التغلغل الإيراني في النسيج الاجتماعي السوري.
الزراعة: استثمارات في الأراضي الخصبة
ركزت إيران على استثمار الأراضي الزراعية الغنية في سوريا، وخاصة في مناطق الجزيرة السورية وريف حلب وحماة.
ومن أبرز الاتفاقيات في هذا المجال، تخصيص 118 هكتارًا في منطقة مسكنة لصالح شركة “إيست فالي” الإيرانية، إضافة إلى توقيع عقود لتوريد المعدات الزراعية والجرارات، مما يعزز دور إيران في التحكم بالإنتاج الزراعي السوري.
النفط والغاز: السيطرة على أهم مصادر الطاقة
لعبت روسيا وإيران دوراً محورياً في قطاع النفط والغاز السوري، حيث استحوذت إيران على البلوك النفطي رقم 12 في منطقة البوكمال قرب الحدود العراقية، بموجب عقد يمتد 30 عامًا، في محاولة لاسترداد جزء من ديونها على سوريا والتي تُقدر بـ 3 مليارات دولار.
في المقابل، سيطرت روسيا على حقل الشاعر النفطي، وهو من أكبر الحقول في سوريا، كما حصلت على عقود للتنقيب عن الغاز في الساحل السوري، مما يضمن لها نفوذاً طويل الأمد في قطاع الطاقة السوري.
خاتمة
تمثل العقود التي أبرمتها روسيا وإيران في سوريا امتدادًا لنفوذهما السياسي والعسكري إلى المجال الاقتصادي، حيث نجحتا في وضع اليد على أهم موارد البلاد، سواء في مجال الطاقة، المعادن، الاتصالات، أو العقارات.
وبينما تسعى الدولتان لاسترداد استثماراتهما ودعمهما للنظام السوري، يظل التساؤل قائماً حول مدى تأثير هذه السيطرة على مستقبل الاقتصاد السوري، وما إذا كانت ستترك أي مجال لتعافي البلاد بعيداً عن النفوذ الأجنبي.
اقرأ أيضاً في إشعار:
• الرئيس السيسي: مصر قادرة على مواجهة أي تحديات داخلية أو خارجية
• السير مجدي يعقوب يقترب من إنجاز طبي مذهل: صمامات قلب تنمو داخل الجسم
• جود لو: مسيرة فنية حافلة بالنجاح والتألق