بعد تفجيرات أجهزة ” البيجر ” في جنوب لبنان وتعرض حزب الله لخسائر، أُثير الجدل مؤخرًا على مواقع التواصل الاجتماعي، مما دفع العديد للتساؤل حول وجود أجهزة “البيجر” في مصر.
تزامن ذلك مع انتشار شائعات وتحذيرات لمستخدمي هواتف شركة “أبل” بخصوص أضرار محتملة قد تصيبهم.
من جانبه أوضح حمد النبراوي، عضو مجلس إدارة شعبة المحمول بغرفة القاهرة التجارية، في مداخلة هاتفية عبر برنامج “حضرة المواطن” على قناة “الحدث اليوم”، أن مصر خالية تمامًا من أجهزة “البيجر” و”الووكي توكي” أو أي أجهزة مشابهة لها، مؤكدًا عدم توفرها في السوق المحلية.
وأضاف النبراوي أنه لم يتم رصد أي وجود لهذه الأجهزة داخل البلاد، وأن الأجهزة التي تُباع في السوق هي عبارة عن نسخ مقلدة بنسبة 100%، خاصة بعض إصدارات هواتف “آيفون” القديمة مثل “آيفون 11” التي توقفت شركة “أبل” عن إنتاجها، لكنها ما زالت تُجمع وتُصدّر إلى مصر بشكل غير رسمي.
كما حذر من انتشار الهواتف المقلدة في السوق المصري، مؤكدًا أنها تدخل البلاد دون رقابة كافية، وطالب السلطات المعنية بتشديد الرقابة لمنع دخول هذه الأجهزة لما قد تحمله من مخاطر على المستهلكين.
الجدير بالذكر أن إسرائيل نفذت هجومًا سيبرانيًا على لبنان استهدف أجهزة “البيجر” و”الووكي توكي” التابعة لحزب الله، مما أدى إلى وقوع إصابات وخسائر بشرية بين عناصر الحزب، مما يبرز المخاطر المحتملة لاستخدام هذه الأجهزة في الصراعات الإقليمية.
هجوم البيجر غير مسبوق
وفي حادثة غير مسبوقة وقاتلة في لبنان، انفجرت مئات من أجهزة النداء ” البيجر ” التي يُعتقد أن جماعة حزب الله تستخدمها بشكل متزامن في أنحاء البلاد يوم 18 سبتمبر، مما أسفر عن وفاة تسعة أشخاص وإصابة أكثر من 3000 آخرين.
وفي تعليق له، أوضح المهندس “محمد مغربي”، استشاري التأمين الرقمي والذكاء الاصطناعي، أن الحادثة تعكس استغلالًا لتكنولوجيا قديمة.
وأوضح أنه لفهم هذه التفجيرات يمكن النظر إلى الجوانب التقنية المتعلقة بالأمن السيبراني والهندسة العكسية للأجهزة اللاسلكية، مشيرًا إلى ثلاثة محاور أساسية:
1. استغلال البنية التحتية للاتصالات: تعمل أجهزة البيجر على ترددات محددة لاستقبال الرسائل القصيرة، ويمكن للمهاجمين استغلال هذه الترددات عبر إرسال إشارات مشفرة لاستهداف الأجهزة، مثل استخدام تقنية “التداخل اللاسلكي” (Jamming)، ما يجبر الأجهزة على العمل بشكل غير طبيعي أو تنفيذ أوامر خاطئة تؤدي إلى الانفجار.
2. الهندسة العكسية للأجهزة: يقصد بها دراسة الجهاز من الداخل لاكتشاف نقاط الضعف. يمكن أن يكون المهاجمون قد استغلوا ثغرات في البرمجيات القديمة غير المحمية بشكل كافٍ لإصدار أوامر مباشرة تؤدي إلى تدمير الدوائر الكهربائية للأجهزة.
3. الهجمات السيبرانية المركبة: من المحتمل أن يكون هذا جزءًا من هجوم سيبراني مركب يجمع بين تقنيات متعددة. يمكن للمهاجمين استغلال أنظمة التحكم عن بعد التي ترسل التحديثات أو الأوامر، خاصة إذا تمكنوا من الوصول إلى النظام المركزي الذي يدير الأجهزة.
اختراق الهواتف الذكية
أما فيما يتعلق باختراق الهواتف الذكية، أشار مغربي إلى أن الأمر ليس مستحيلًا ولكنه بالغ الصعوبة، نظرًا لما تتمتع به الأجهزة الحديثة مثل الهواتف من تشفير متقدم وحماية قوية. وتوفر أنظمة التشغيل مثل Android وiOS حماية متعددة الطبقات ضد البرمجيات الضارة، مما يجعل من الصعب جدًا اختراقها دون الوصول المباشر. في المقابل، أجهزة البيجر عادة ما تفتقر إلى مثل هذه التدابير الأمنية المتقدمة، مما يجعلها أكثر عرضة للاختراق.
وأضاف أن البنية التحتية للهواتف الذكية تتضمن أنظمة حماية مدمجة لمراقبة وتحليل الأنشطة المشبوهة، على عكس أجهزة البيجر التي قد تفتقر إلى تلك الأنظمة، ما يجعلها هدفًا سهلاً للهجمات التي تستغل تردداتها أو ثغراتها الأمنية.
بيان حزب الله
أصدرت جماعة حزب الله اللبنانية بيانًا يوم الأربعاء أعلنت فيه أن الأمين العام للحزب، حسن نصر الله، سيلقي خطابًا يوم الخميس، وذلك بعد سلسلة من التفجيرات التي طالت أجهزة الاتصالات “البيجر” في مناطق مختلفة من لبنان يوم الثلاثاء.
وتعهد حزب الله بمواصلة عملياته العسكرية ضد إسرائيل دعمًا لقطاع غزة، مشيرًا إلى أن هذا الدعم منفصل عن “الحساب العسير” الذي ينتظر إسرائيل عقب المجزرة التي وقعت يوم الثلاثاء، ونعى الحزب ثمانية من مقاتليه، بينهم نجل النائب في كتلته البرلمانية، علي عمار.
عدوان إسرائيلي
من جانبها، أدانت الحكومة اللبنانية ما وصفته بـ”العدوان الإسرائيلي” واعتبرته خرقًا خطيرًا للسيادة اللبنانية، مؤكدة أنها بدأت اتصالات مع الدول المعنية والأمم المتحدة لتحميلها المسؤولية.
في المقابل، لم تعلق إسرائيل على الاتهامات اللبنانية، فيما أوردت هيئة البث الإسرائيلية أن الحكومة الإسرائيلية طلبت من الوزراء الامتناع عن الإدلاء بأي تصريحات.
وأفاد الأمن الداخلي اللبناني بأن أجهزة الاتصالات اللاسلكية من “أنواع معينة” انفجرت في عدة مناطق، من بينها الضاحية الجنوبية، وتسببت في إصابات عديدة. ودعا البيان المواطنين إلى إخلاء الطرق لتسهيل عمليات الإغاثة.
أكبر خرق أمني
وصرح مسؤول في حزب الله بأن تفجير أجهزة النداء يعد “أكبر خرق أمني” يتعرض له الحزب منذ قرابة العام في حربه مع إسرائيل، وفقًا لتصريحات نقلتها وكالة رويترز.
وفي السياق ذاته، أعلنت وكالة مهر الإيرانية إصابة السفير الإيراني في لبنان، مجتبى أماني، جراء “هجوم سيبراني” استهدف لبنان وسوريا، دون تقديم مزيد من التفاصيل. وأكدت السفارة الإيرانية أن السفير أصيب بجروح سطحية وأن حالته مستقرة.
كما أفادت مراسلة “بي بي سي” بمقتل نجل النائب عن حزب الله علي عمار، وإصابة نجل النائب حسن فضل الله، وأشارت إلى أن مستشفيات بيروت وصلت إلى طاقتها الاستيعابية القصوى بسبب عدد الجرحى الكبير.
وطلبت وزارة الصحة اللبنانية من المستشفيات الاستعداد التام لاستقبال المصابين، بينما أعلن الصليب الأحمر اللبناني عن تجهيز 50 سيارة إسعاف إضافية و300 فني طوارئ للمساعدة في نقل الضحايا. كما طلبت الوزارة من جميع المواطنين الذين يمتلكون أجهزة اتصال من نوع البيجر التخلص منها فورًا.
انفجارات سوريا
وفي سوريا، وقعت التفجيرات في عدة مناطق بما في ذلك كفرسوسة ومحيط السيدة زينب والقلمون الغربي. وأعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان أن 14 شخصًا من حزب الله أصيبوا نتيجة انفجار جهاز اتصال داخل سيارة في كفرسوسة، بينما أكدت مصادر أن الانفجارات في سوريا مرتبطة بتلك التي وقعت في لبنان.