مؤمن آل يس ..عندما يستقر الإيمان في القلب، لا تستطيع المصاعب والعوائق أن تقف حائلًا أمام صاحبه لتبليغ رسالة الحق والدعوة إلى دين الله.
وقد قدم القرآن الكريم مثالًا خالدًا في سورة “يس” لرجل صالح مؤمن، دافع عن دين الله ودعا قومه إليه رغم ما لاقاه من إيذاء وتعذيب حتى الموت، والرجل الصالح هذا هو حبيب النجار والملقب بـ مؤمن آل يس.
ورغم نهاية مؤمن آل يس المؤلمة، استمر هذا الرجل في دعوته، داعيًا لقومه بعد موته قائلًا: “يا ليت قومي يعلمون بما غفر لي ربي وجعلني من المكرمين“، كما ورد في تفسير سيدنا ابن عباس رضي الله عنه.
قصة أصحاب القرية في القرآن
يقول الله تعالى:
{وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا أَصْحَابَ الْقَرْيَةِ إِذْ جَاءَهَا الْمُرْسَلُونَ * إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ فَقَالُوا إِنَّا إِلَيْكُمْ مُرْسَلُونَ}
(يس: 13-14).
أرسل الله إلى أهل القرية رسولين يدعوانهم إلى عبادة الله وترك عبادة الأصنام، لكنهما قوبلا بالتكذيب.. فزادهم الله تأييدًا برسول ثالث، وكرروا دعوتهم إلى توحيد الله، قائلين: “إِنَّا إِلَيْكُمْ مُرْسَلُونَ“. ومع ذلك، رفض أهل القرية الإيمان واعتبروا أن الرسل بشر مثلهم، وقالوا: “مَا أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا وَمَا أَنْزَلَ الرَّحْمَنُ مِنْ شَيْءٍ” (يس: 15).
مؤمن آل يس: حبيب النجار
وسط أجواء التكذيب، ظهر رجل من أقصى المدينة يسمى حبيب النجار (مؤمن آل ياسين).. وكان يعمل نجارًا في أنطاكية، وعرف الإيمان على يد الرسل الثلاثة.. وبعدما آمن، وتصدر للدعوة إلى الله، حريصًا على إنقاذ قومه من الضلال.
يصف القرآن مشهده البطولي:
{وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ * اتَّبِعُوا مَنْ لَا يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا وَهُمْ مُهْتَدُونَ}
(يس: 20-21).
محاولات مؤمن آل يس
حاول حبيب النجار أن يخاطب الفطرة السليمة في قومه، متسائلًا: “وما لي لا أعبد الذي فطرني وإليه ترجعون؟“.
وأكد لهم بطلان عبادة الأصنام قائلًا: “أأتخذ من دونه آلهة إن يردن الرحمن بضر لا تغن عني شفاعتهم شيئًا ولا ينقذون” (يس: 22-23).
استشهاد في سبيل الدعوة
لم يتقبل أهل القرية دعوة مؤمن آل يس حبيب النجار، بل اشتد غضبهم عليه وقتلوه بوحشية.. وتشير الأقاويل إلى أنهم ضربوه حتى الموت ومزقوا أمعاءه. لكن، في لحظة خروجه من الدنيا، بُشِّرَ بدخول الجنة، فقال متحسرًا على قومه:
{قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ * بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ}
(يس: 26-27).
كان مؤمن آل يس حبيب النجار مثالًا للداعية المخلص، الذي ضحى بحياته من أجل رسالته.. ولم يكن موته نهاية لقصته، بل بداية لدروس عظيمة في الإيمان والشجاعة.. إنها رسالة خالدة تؤكد أن الإيمان الحق يستحق التضحية، وأن من يعمل من أجل الله، فإن الله يكرمه في الدنيا والآخرة.
اقرأ أيضاً:
• الحكم بالسجن عامين على المخرج عمر زهران في قضية سرقة مجوهرات شاليمار الشربتلي
• مصر تؤكد وقوفها إلى جانب الدولة والشعب السوري وتدعم وحدتها وسيادة أراضيها