في نوفمبر 2016، فقدت السينما المصرية والعربية أحد أبرز نجومها، محمود عبد العزيز، الذي عرفه جمهوره بلقب “الساحر” نسبةً لدوره المميز في الفيلم الذي حمل نفس الاسم.
وقد ترك محمود عبد العزيز إرثاً فنياً ضخماً يضم عشرات الأفلام والمسلسلات التي لا تزال تُذكر وتؤثر في وجدان الجمهور حتى اليوم.
في الذكرى الثامنة لرحيله، نستعرض مشوار هذا الفنان الكبير وأهم محطات حياته وأعماله التي أضافت بريقًا للسينما والتلفزيون المصري.
البدايات: من الإسكندرية إلى النجومية
وُلد محمود عبد العزيز في 4 يونيو 1946 في مدينة الإسكندرية، حيث نشأ وترعرع، درس في كلية الزراعة بجامعة الإسكندرية، ورغم دراسته بعيدًا عن الفن، إلا أن شغفه بالتمثيل قاده للانضمام إلى الفرق المسرحية خلال فترة الجامعة، ومن هناك بدأ عبد العزيز مشواره الفني، وانتقل إلى القاهرة في السبعينيات ليبدأ رحلته نحو الشهرة، حيث شارك في العديد من الأدوار الصغيرة في بدايته.
انطلاقته السينمائية وأعماله الرائدة
كان محمود عبد العزيز من أكثر الفنانين إنتاجًا وإبداعًا، حيث قدم أكثر من 80 فيلمًا، بدءًا من السبعينيات وحتى العقد الأول من القرن الحالي، قدم عبد العزيز أدوارًا متنوعة بدايةً من الكوميديا وصولاً إلى الأدوار الدرامية المركبة، وحقق شهرة كبيرة بعد أفلام مثل “الكيف” و”البريء”، يعكس دوره في فيلم “الكيف” قدرةً على تجسيد قضايا المجتمع المصري بطريقة تجمع بين الفكاهة والنقد.
كما لعب دورًا بارزًا في فيلم “العار” الذي ناقش قضية تجارة المخدرات وأثرها المدمر، وقد نجح في هذا الفيلم في تجسيد شخصية فريدة أظهرت عمق قدراته التمثيلية.
ويعتبر فيلم “الكيت كات” أيضًا من أبرز أعماله، حيث لعب دور الكفيف الذي يعيش بين واقعه وأحلامه. وقد أثبت هذا الدور براعته الفائقة في نقل المشاعر والتفاصيل الدقيقة.
“الساحر”: لقب يخلد ذكرى النجم محمود عبد العزيز
حصل محمود عبد العزيز على لقب “الساحر” بعد فيلم “الساحر” الذي أخرجه الراحل رضوان الكاشف عام 2001، وهو لقب يعكس قدرة عبد العزيز الفريدة على تحويل أي دور يجسده إلى تجربة فنية مميزة، حيث جذب هذا الفيلم اهتمام الجمهور بفضل شخصية الرجل العجوز الذي يسعى لتحقيق أحلامه رغم ظروفه الصعبة. ومنذ ذلك الحين، أصبح لقب “الساحر” مرتبطًا به بشكل كبير.
بصمة لا تُنسى في الدراما التلفزيونية
إلى جانب السينما، حقق محمود عبد العزيز نجاحًا كبيرًا في الدراما التلفزيونية، وكان أبرز أدواره على الشاشة الصغيرة في مسلسل “رأفت الهجان”، الذي قدم فيه دور العميل المصري الذي يعيش في إسرائيل لأداء مهام وطنية سرية.
وقد استطاع المسلسل أن يحقق شعبية واسعة ويصبح من الأعمال الخالدة في الدراما العربية. ومن أهم المسلسلات الأخرى التي قدمها، “باب الخلق” و”جبل الحلال”، حيث جسد أدوارًا تحمل أبعادًا إنسانية واجتماعية.
تقدير الجمهور والنقاد
حظي محمود عبد العزيز بتقدير واسع من قبل النقاد والجمهور على حد سواء، فقد كان يتمتع بموهبة استثنائية وقدرة على تجسيد الشخصيات المتنوعة بعمق وحرفية، قدّم أدوارًا ناقشت قضايا إنسانية واجتماعية حساسة بأسلوبه الفريد، ونجح في جعل الجمهور يشعر بالارتباط العاطفي العميق مع الشخصيات التي يجسدها.
رحيله وتكريمه بعد الوفاة
توفي محمود عبد العزيز في 12 نوفمبر 2016 عن عمر ناهز 70 عامًا بعد صراع مع المرض، وقد شكّل رحيله صدمة كبيرة في الأوساط الفنية وبين محبيه.
أُقيمت له جنازة مهيبة شارك فيها عدد كبير من نجوم الفن ومحبيه، وترك رحيله أثرًا عميقًا في نفوس الجمهور الذي لا يزال يذكره بأعماله التي استمرت حية في وجدانهم.
وقد تم تكريمه بعد وفاته من خلال العديد من المهرجانات السينمائية، وأُطلقت جوائز تحمل اسمه تقديرًا لما قدمه من إسهامات فنية.
إرثه الفني وأثره المستمر
رغم مرور ثماني سنوات على رحيله، لا تزال أعمال محمود عبد العزيز تُمثّل جزءًا مهمًا من الثقافة السينمائية والتلفزيونية في العالم العربي، لقد ألهم العديد من الفنانين الشباب وجعلهم يتطلعون لتقديم أدوار تحمل ذات العمق والتميز.
يظل الساحر رمزًا للعطاء والإبداع الفني، واسمه محفوظ في الذاكرة الثقافية العربية كممثل جمع بين الموهبة والروح الإنسانية.
اقرأ أيضاً
هبوط حاد في أسعار الذهب بالأسواق المصرية
الرئيس السيسي: مصر متمسكة بالسلام كخيار استراتيجي ووحيد لمنطقتنا