يُعد مسلسل البطريق (The Penguin) خطوة منطقية في عالم السينما والتلفزيون بعد النجاح الكبير لشخصية البطريق التي أداها كولن فاريل في فيلم “باتمان” عام 2022.
المسلسل، الذي يأتي كعمل فرعي مكمل لأحداث الفيلم، يتألف من ثماني حلقات نالت استحسانًا نقديًا وجماهيريًا، مع تأكيد عودة الشخصية في الجزء الثاني من “باتمان” وموسم ثانٍ للمسلسل.
عالم الجريمة بعد سقوط فالكون
تبدأ أحداث المسلسل من حيث انتهى فيلم “باتمان”، عقب الانفجارات التي عمّت جوثام نتيجة مخططات ذا ريدلر، والتي أسقطت المدينة في مستنقع من الفوضى واليأس، هذا الانهيار شكل بيئة مثالية لصعود مجرمين جدد، وخاصة أوزوالد كوب، المعروف بالبطريق.
البطريق، الذي كان مجرد معاون بسيط للزعيم فالكون، يجد نفسه أمام فرصة للسيطرة على إمبراطورية فالكون بعد مقتله.
وعندما يعترض طريقه ابن فالكون محاولًا إذلاله، ينقلب أوز على الابن ويقتله، مدركًا وجود مشروع خطير يتعلق بمخدر جديد خطط له فالكون الابن مع أخته صوفيا،هذه المواجهة تصبح نقطة التحول التي يقرر فيها البطريق أن يصبح زعيمًا للجريمة في جوثام.
صراع أيديولوجي
تمثل صوفيا فالكون، ابنة الزعيم الراحل، الوجه الآخر للصراع. صوفيا، المعروفة بسمعتها السيئة وتاريخها الإجرامي، ليست مجرد وريثة مجرم، بل تحمل دافعًا شخصيًا عميقًا للانتقام من أوز، الذي ساهم بشكل مباشر في دمار حياتها.
تشابه صوفيا وأوز
على الرغم من تشابه صوفيا وأوز في قسوتهما وانغماسهما في عالم الجريمة، إلا أن دوافعهما تختلف جذريًا، تتحرك صوفيا بدوافع نسوية، تحاول استعادة السيطرة على حياتها التي دمرها والدها بإدخالها مصحة نفسية كذريعة للتستر على جرائمه، أما أوز، فتقوده أفكار اشتراكية غير واعية، حيث يسعى لتأسيس نظام إجرامي يدعم المهمشين والفقراء.
التعاطف مع الشرير
رغم أن “البطريق” يُظهر أوز كشخصية شريرة منذ اللحظة الأولى، إلا أن المسلسل ينجح في كسب تعاطف المشاهدين معه. يكشف العمل عن أبعاد إنسانية خفية في شخصية البطريق، من شعوره بالعجز بسبب إعاقته الجسدية، إلى محاولاته المستميتة لنيل حب والدته. هذه الطبقات المعقدة تجعل المشاهد يتماشى مع رحلته، على الرغم من أفعاله المظلمة.
في المقابل، تبدأ صوفيا كضحية تسعى للانتقام، لكنها تتحول تدريجيًا إلى مجرمة لا تعبأ بمصير الفقراء والمظلومين في سبيل تحقيق أهدافها. هذا التبدل المستمر في الأدوار بين الشخصيتين يجعل من الصعب على المشاهد تحديد من المخطئ ومن المحق.
رؤية بصرية مبهرة وأداء استثنائي
استمر المسلسل في تقديم الطابع البصري المظلم الذي ميز فيلم “باتمان”، الإضاءة النارية، الظلال الثقيلة، والتفاصيل السينمائية المبهرة كانت حاضرة في كل مشهد.
تفوق كولن فاريل
على مستوى الأداء، تفوق كولن فاريل مرة أخرى في تقديم شخصية البطريق، مستفيدًا من المساحة الأكبر التي وفرها له المسلسل. ومع ذلك، كانت المفاجأة الحقيقية في أداء كريستين ميلوتي بدور صوفيا، حيث نجحت في التعبير عن تعقيد الشخصية وصراعاتها الداخلية بمهارة لافتة، مما يجعل مواجهتها مع أوز في الموسم القادم إحدى أكثر اللحظات المنتظرة.
“البطريق” ليس مجرد مسلسل جريمة، بل رحلة نفسية وأيديولوجية تعكس تعقيدات الصراع البشري بين الخير والشر، وبين المظلومية والقسوة.
ومع نهاية الموسم الأول، يظل سكان جوثام الضحايا الحقيقيين، سواء كان قائدهم فالكون، أوز، أو صوفيا، مما يعزز الرسالة القاتمة للعمل: في جوثام، لا أحد يربح سوى الظلال.
اقرأ أيضاً:
• ترامب يعزز سياسة “أمريكا أولاً” بفريق رئاسي موالٍ تمامًا .. تعرف على حكومة ترامب بالكامل
• تعرف على أبرز التعليقات العالمية على إصدار المحكمة الجنائية الدولية أوامر اعتقال نتنياهو وجالانت
• إطلاق الدورة الثالثة من جائزة عبد الفتاح صبري في القصة القصيرة لعام 2025