مُنحت جائزة نوبل في الأدب لعام 2024 للكاتبة الكورية الجنوبية هان كانغ، تقديرًا لكتاباتها النثرية ذات الطابع الشعري التي تتناول الصدمات التاريخية وتكشف هشاشة الحياة البشرية.
تميزت هان كانغ في أعمالها بتناول صدمات التاريخ ومجموعات القواعد المجهولة، مع التركيز على العلاقة بين الجسد والروح، الأحياء والأموات، بأسلوب شعري وتجريبي جعلها رائدة في النثر المعاصر.
اكتشافات مذهلة في عالم الكيمياء: جائزة نوبل 2024 تُكرّم مبتكري البروتينات
كانت جائزة نوبل في الكيمياء لعام 2024 قد مُنحت أمس الأربعاء، لثلاثة علماء بارزين، حيث حصل «ديفيد بيكر» على نصف الجائزة لابتكاراته في تصميم أنواع جديدة من البروتينات باستخدام الحاسوب، بينما قُدمت النصف الآخر بشكل مشترك لـ «ديميس هاسابيس» و«جون إم. جامبر» عن تطويرهما نموذج ذكاء اصطناعي لتنبؤ هياكل البروتين المعقدة.
وتُعد البروتينات أدوات حيوية تشكل أساس الحياة، إذ تدير التفاعلات الكيميائية الضرورية وتعمل كهرمونات وأجسام مضادة، وقد حقق بيكر إنجازًا غير مسبوق، حيث صمم بروتينات جديدة لا مثيل لها، في الوقت نفسه، أتاح نموذج «AlphaFold2» الذي ابتكره هاسابيس وجامبر، فهمًا جديدًا للتراكيب المعقدة للبروتينات، مما قد يُحدث تحولًا في الأبحاث العلمية.
هذه الاكتشافات تُبشر بإمكانيات هائلة، حيث استخدم أكثر من مليوني باحث من 190 دولة نموذج «AlphaFold2»، مما ساهم في تحسين دراسات مقاومة المضادات الحيوية وابتكار حلول جديدة لمشاكل البيئة، مثل تحليل البلاستيك.
نوبل الفيزياء.. عباقرة الذكاء الاصطناعي
في سياقٍ متصل، وفي إنجاز يبرز التقاطع بين الفيزياء وعلوم الحاسوب، حصل العالمان «جون هوبفيلد» و «جيفري هينتون» أول أمس على جائزة نوبل في الفيزياء لعام 2024 لاكتشافاتهما الرائدة في مجال التعلّم الآلي باستخدام الشبكات العصبية الاصطناعية.
وأسهمت أعمال العالمان «جون هوبفيلد» و «جيفري هينتون» في تحويل الذكاء الاصطناعي من مفهوم نظري إلى تكنولوجيا فعالة تؤثر في حياتنا اليومية.
كيف أسهم هوبفيلد وهينتون في تطوير الشبكات العصبية؟
استخدم جون هوبفيلد مهاراته الفيزيائية لبناء نموذج رياضي يعكس كيفية معالجة الدماغ للمعلومات. أنشأ هيكلًا شبكيًا يمكنه تخزين المعلومات وإعادة بنائها، بما يشبه إلى حد كبير آلية عمل الذاكرة في العقل البشري.
هذا النموذج أصبح الأساس لشبكات هوبفيلد العصبية التي يتم تطبيقها في مجالات متنوعة، من حل الألغاز الرياضية إلى معالجة الصور.
أما جيفري هينتون، فقد ركز على إنشاء خوارزميات تستطيع أن تتعلم من البيانات دون تدخل بشري مباشر. ما أنجزه كان بمثابة اختراع طريقة للتعرف على الأنماط والخصائص المخفية في البيانات، وهي طريقة تعرف اليوم باسم “التعلم العميق” (Deep Learning).
هذه الخوارزميات أصبحت جزءًا أساسيًا من الشبكات العصبية الاصطناعية الكبيرة التي نعتمد عليها اليوم في مجالات مثل الترجمة الآلية، وتشخيص الأمراض، وحتى تحليل النصوص.
لماذا تعتبر هذه الاكتشافات ثورية؟
على الرغم من أن أجهزة الكمبيوتر لا تملك الوعي أو القدرة على التفكير مثل البشر، إلا أن هوبفيلد وهينتون فتحا الباب أمام إمكانية محاكاة وظائف ذهنية معقدة مثل الذاكرة والتعلّم.
بفضل هذه التقنيات، باتت الأنظمة الحاسوبية قادرة على “التعلم” من تجارب سابقة وتحسين أدائها مع مرور الوقت، مما يجعلها أقرب إلى الذكاء البشري في التعامل مع المعلومات.
هذا الربط بين الفيزياء والذكاء الاصطناعي يظهر كيف يمكن لأفكار مستمدة من مجالات علمية مختلفة أن تلتقي لتؤدي إلى قفزات نوعية في التكنولوجيا.
الفيزياء التي كانت دائمًا محركًا رئيسيًا في فهمنا للعالم المادي، أصبحت الآن أداة فعالة في تطوير أدوات رقمية ذات قدرات مذهلة.
التعلّم الآلي والذكاء الاصطناعي: مستقبل يتشكل الآن
التقنيات التي أسسها هوبفيلد وهينتون ليست مجرد إنجاز علمي عابر، بل هي ركيزة أساسية تعتمد عليها الشركات والحكومات والمجتمعات اليوم لتحليل البيانات الضخمة وفهم العالم الرقمي المعقد. تطبيقات مثل السيارات الذاتية القيادة، والتعرف على الوجوه، والمساعدات الصوتية مثل “أليكسا” و”سيري”، كلها تعتمد بشكل كبير على الشبكات العصبية الاصطناعية التي كانت في وقت ما مجرد نظرية.
الفيزياء تبني المستقبل
منح جائزة نوبل لهذين العالمين ليس فقط تكريمًا لجهودهما الفردية، بل هو أيضًا اعتراف بأن المستقبل الرقمي الذي نعيش فيه يعتمد على التعاون بين علوم مختلفة.
الفيزياء والذكاء الاصطناعي، اللذان كانا في يوم ما حقولًا منفصلة، يجتمعان اليوم لخلق تقنيات جديدة تغيّر حياتنا اليومية وتفتح آفاقًا لم نكن نتخيلها.
في نهاية المطاف، تُعد جائزة نوبل 2024 علامة فارقة في تاريخ التقدم العلمي، وتذكيرًا بأن العلوم ليست مجرد مجالات منفصلة، بل شبكة مترابطة تساهم معًا في دفع عجلة التطور نحو مستقبل أكثر ذكاءً.